مالب بن الريب أول من رثى نفسه وقال شعرا .. وكان من قطاع الطرق، ثم تاب وانضم للجهاد، وبعد كان راجعا لبيته حضرته الوفاة وقال هذه الابيات ..
ألا ليت شعري هـل أبيتن ليــلة * بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه * وليت الغضا ماشى الركاب لياليــا
لقد كان في أهل الغضا لو دنا الغض * مزار ولكن الغضا ليس دانيــــا
ألم ترني بعت الضـلالة بالهــدى * وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
دعاني الهوى من أهل وُدّي وصحبتي * بذي الطبَّسين فالتفتُّ ورائيــــا
أجبت الهوى لما دعاني بزفـــرة * تقنعت منها أن أُلام ردائيـــــا
لعمري لئن غالت خراسـان هامتي * لقد كنت عن بابي خراسان نائيــا
فلله درّي يـوم أترك طـــائـع * بني بأعلى الرقمتين وماليــــا
ودر الظباء الســانحــات عشية * يُخبرن أني هالك من ورائيــــا
ودرُّ كبيريَّ اللذين كلاهمـــــا * عليَّ شفيق ناصح قد نهانيــــا
ودر الهوى حيث يدعو صحابـــه *ودر لجاجاتي ودر انتهائيـــــا
تذكرت من يبـكي عليَّ فلم أجــد *سوى السيف والرمح الرُّدينيّ باكيا
وأشقر حنذيـذ يجر عنانـــــه * إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيـا
ولكن بأطراف السـمينة نســوة *عزيز عليهن العشية ما بيــــا
ولـما تراءت عنـد مــرو منيتي * وحُلَّ بها جسمي وحانت وفاتيــا
أقـول لأصحــابي ارفعوني لأنني * يقر بعيني أن سهيل بدا ليــــا
صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا * برابية إني مقيم لياليـــــــا فيا
أقيمـــا عليّ اليوم أو بعض ليلة *ولا تُعجلاني قد تبين ما بيــــا
وقوما إذا ما استل روحي فهيئــا *لي القبر والأكفان ثم ابكيا ليـــا
وخطّا بأطـراف الأسـنة مضجعي *ورُدّا على عينيَّ فضل ردائيــــا
ولا تحسداني بارك الله فيكمـــا *من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجراني ببُردي إليكمـــا * فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديـــا
فقد كنت عّطافا إذا الخـيل أدبرت *سريعا لدى الهيجا إلى من دعانيـا
وقد كنت محودا لدى الزاد والقِرى *وعن شتم ابن العم والجار وانيــا
وقد كنت صبارا على القِرْن في الوغى *ثقيلا على الأعداء عضبا لسانيــا
وطورا تراني في ظِــلال ومجمع *وطورا تراني والعَتاق ركابيــــا
وطـورا تراني في رحىً مستديرة * تُخرّق أطراف الرماح ثيابيـــــا
وقوما على بئر الشُّبَيكِ فأسمِعـا * بها الوحش والبِيض الحسان الروانيا
بأنكمـــا قد خلفتماني بقفــرة * تهيل عليَّ الريح فيها السوافيـــا
ولا تنسيـــا عهدي خليليَّ إنني * تَقَطّعُ أوصالي وتَبلى عظاميــــا
يقولون لا تَبْعُد وهم يدفنونني * وأين مكان البعد إلا مكانيـــــا
غداة غد ، يا لهف نفسي على غد * إذا أدلجوا عني وخُلّفتُ ثاويــــا
وأصبح مالي من طريف وتالد * لغيري وكان المال بالأمس ماليــا
فيا ليت شعري هل تغيّرت الرحى * رحى العرب أو أضحت بفلج كما هيا
إذا القوم حلوها جميعا وأنزلوا * لها بقراً حُمّ العيون سواجيــــا
وعين وقد كان الظلام يُجنُها * يسُفن الخزامى نورها والأقاحيــا
وهل ترك العيسُ المراقيل بالضحى * تعاليها تعلو المتون القياقيــــا
إذا عَصِبَ الركبان بين عُنيزة * وبولان عاجوا المنقيات المهاريــا
ويا ليت شعري هل بكت أم مالك * كما كنت لو عالوا نعيك باكيـــا
إذا مت فاعتادي القبوري وسلمي * على الريم أُسقيتِ الغمام الغواديـا
ترى جدثا قد جرت الريح فوقه * غبارا كلون القسطلاني هابيــــا
رهينة أحجار وترب تضمنت * قراراتها مني العظام البواليــــا
فيا راكبا إما عَرَضتَ فبلّغن * بني مالك والريب أن لا تلاقيـــا
وبلغ أخي عمران بُردي ومئزري * وبلغ عجوزي اليوم أن لا تدانيــا
وسلم على شيخيّ مني كليهما * وبلغ كثيرا وابن عمي وخاليـــا
وعطل قلوصي في الركاب فإنها * ستُبردُ أكبادا وتُبكي بواكيــــا
أقلب طرفي فوق رحلي فلا أرى * به من العيون المؤنسات مراعيـا
وبالرمل مني نسوة لو شهدنني * بكين وفدَّين الطبيب المداويـــا
فمنهن أمي وابنتاها وخالتي * وباكية أخرى تهيج البواكيـــا
وما كان عهد الرمل مني وأهله * ذميما ولا بالرمل ودعت قاليــا